هبّ أنك رائد أعمال وتفكر في شراء مخبز مثلًا، ألن ترغب في معرفة عدد أرغفة الخبز التي يستطيع هذا المخبز إنتاجها في اليوم؟ وكذلك صافي الربح الذي ستجنيه من إنتاج هذه الأرغفة وبيعها؟ قد يفكر معظم الناس في هذه الأسئلة لكونها من البديهيات، لكن ماذا عن قابلية المخبز لتوسيع هامش ربحه، حيث يخلق زيادة في الطلب، ويلبيها دون ارتفاع ملحوظ في المصروفات والموارد الجهود؟ قد لا يخطر هذا السؤال على بال الجميع، لكن "القابلية للتوسع" أمر يؤرق كل رائد أعمال أو مطور برمجيات أو نظم يضع النمو هدفًا نصب عينيه.
مفهوم التوسع
سنركز في هذا المقال على مفهوم التوسع ضمن قطاع الأعمال التجارية. وفي هذا السياق، يمكن تعريف التوسع على أنه قدرة المشروع أو المؤسسة التجارية على التعامل مع الزيادة في الطلب دون أن يتقلص هامش ربحه، أو يضطر لزيادة ملحوظة في الموارد والجهود. بعبارة أخرى، المشروع التجاري القابل للتوسع هو مشروع ينمو، فتزيد أرباحه بوتيرة أسرع من الزيادة التي تطرأ على تكاليفه.
مرحلة التوسع
يدخل المشروع التجاري مرحلة التوسع بعد أن ينتهي من مرحلتين رئيسيتين، ففي نشأته يقوم بالتركيز على البحث عن منتج، والعمل على تصميمه وإنتاجه وتحسينه إلى أن يصبح ملائمًا للسوق. بعد أن يصبح المنتج جاهزًا، تحول المؤسسة جهودها نحو التوزيع، أيّ تسويق المنتج وبيعه. وعندما تنجح في ذلك وتستمر، تصل إلى مرحلة يصبح التوسع فيها أمرًا ضروريًا.
ماذا يحتاج المشروع التجاري ليكون قابل للتوسع؟
لا يسع المقام للحديث مطولًا عن الكيفيات التي تتوسع من خلالها المشاريع التجارية، لكن من جملة النقاط الرئيسية والمهمة، التي لا تخلو منها أي خطة عمل للتوسع، الاستفادة من التقنية، وأتمتة العمليات التي تجريها المؤسسة، واعتماد أنظمة وأساليب عمل مرنة قادرة على امتصاص العمل الإضافي الناتج عن الطلب المتزايد على المنتج أو الخدمة التي تقدمها المؤسسة.
وفي مرحلة ما، سيحتاج المشروع أيضًا لفريق قوي، يمتلك الخبرات والمهارات المتنوعة التي يتطلبها العمل. فقد تنمو المشاريع التي تعتمد على فرد واحد، لكن ستصل، في نهاية المطاف، إلى حدّ لن تستطيع تجاوزه دون تكاتف فريق متكامل.
كما تسهم الإجراءات المكتوبة في جعل العمل يسير بسلاسة وكفاءة، وبطريقة احترافية منظمة، فضلًا عن أنها تسهل عملية تدريب الموظفين الجدد، وكلّ ذلك يساعد على توسيع هامش ربح الشركة.
وباختصار، فإن المشروع القابل للتوسع هو المشروع الذي يملك الخطط والهيكليات والآليات والأنظمة والموارد البشرية التي تتيح له تحقيق هذا التوسع.
كيف أستفيد من مفهوم القابلية للتوسع كمستقل أو صاحب مشروع تجاري صغير؟
وفق ذلك، قد يبدو مفهوم القابلية للتوسع أمر يخص الشركات التي وصلت لمرحلة متقدمة من النمو، ولا يعني المستقلين وأصحاب المشاريع الصغيرة الذين ربما هم يعانون أصلًا في الحصول على مبيعات. لكني أعتقد أن هذا المفهوم لا بدّ وأن يكون حاضرًا في تفكير رائد الأعمال الذي يطمح في النمو، أيّا كان حجم ووضع مشروعه.
ففي البداية على الفرد أن يعرف طبيعة عمله، هل هو محدود في قابليته للتوسع أم هو قابل للتوسع على نحو كبير؟ ويصبح عليه عندها أن يقرر ما إذا كان يكفيه العمل والدخل المحدود المتناسب مع موارده وطاقاته، أم أنه يريد من مشروعه أن يتوسع إلى ما بعد طاقاته المحدودة وحصته الصغيرة من السوق. فإن أراد التوسع، صار لزامًا عليه أن يختار مشروعًا قابلًا لذلك، وأن يفكر، منذ اللحظات الأولى، فيما يلزم لتحقيق هذا التوسع.
إن كنت تملك عملًا تجاريًا، اسأل نفسك اليوم:
- هل فكرة مشروعي قابلة للتوسع؟
- كيف أزيد من مبيعاتي؟
- كيف أستطيع التعامل مع هذه الزيادة عندما أحققها، دون أن يتقلص هامش ربحي نتيجةً لذلك؟
ختامًا، إن كنت تملك عملًا تجاريًا وتطمح في النمو، ضع التوسع نصب عينيك، وشكل نشاطك المدر للدخل على نحو يتيح لك الوصول لشريحة أكبر من الجمهور، والاستحواذ على حصة أكبر من السوق، دون أن تضطر لتحمل تكاليف وجهود إضافية. قد تساعدك التقنية و الأتمتة والموارد البشرية والتعليمات المكتوبة على تحقيق ذلك، وإن لم تكن في مرحلة التوسع البعد، ضع اليوم تصورًا وخطة على الأقل، فهذا ما سيأخذك إلى هناك. وتذكر أن البحث عن فرص للتوسع يعد استراتيجية مهمة لتحقيق النجاح المالي.